قلعة صيرة
هي موقع أثري ومعلم تاريخي في العاصمة عدن وتقع على جزيرة صخرية بركانية طويلة ويبلغ ارتفاعها 430 قدماً فوق مستوى سطح البحر وتقع بالقرب من ميناء المدينة.
بنيت القلعة في القرن الحادي عشر الميلادي، وتشرف على خليج عدن وبحر العرب، مع إطلالة على المدينة، وكان الغرض من تشييدها أن تكون حصنًا عسكريًا في الصفوف الأمامية لصد غزوات البحر.
وتشير بعض السجلات التي لم يتم التحقق منها إلى أنه تم إنشاؤها خلال العام 1173 ميلادي (569 هجري) حينما كان والي عدن التركي الأمير عثمان الزانغابيلي التكريتي (مبعوثًا لحاكم عدن) وكلف بالبناء.
توران شاه الأيوبي شقيق صلاح الدين الأيوبي، وقد صمدت القلعة خلال هجمات لاحقة ضد مدينة عدن من قبل البرتغاليين والأتراك خاصة في عام 1517، إلا أن بعض المصادر من المخطوطات توثق أن تاريخ الحصون والقلاع التي كانت منتشرة وممتدة في أعالي سلسلة جبال عدن قبل الاستعمار العثماني لعدن .
ويعود تاريخ القلعة إلى أكثر من ألف عام وقد تم ذكرها في النقوش اليمنية القديمة. على مر التاريخ ، دافعت عن عدن ضد الغزاة القادمين من البحر .
الموقع الاستراتيجي:
تقع القلعة على جبل صيرة، الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 430 قدمًا فوق سطح البحر، وهو ما منحها ميزة دفاعية كبيرة. يمكن رؤية القلعة من مسافات بعيدة نظرًا لموقعها البارز.
توفر القلعة إطلالة رائعة على البحر والميناء، مما ساعد في رصد السفن القادمة والقيام بعمليات الدفاع عند الحاجة.
الأهمية الاستراتيجية:
تعد قلعة صيرة من أبرز قلاع وحصون مدينة عدن القديمة التاريخية، وقد كان لها دور دفاعي في حياة المدينة، ومن خلالها تشكلت التحصينات الدفاعية في الجبل وصدت الكثير من الهجمات والغزوات التي سعت للسيطرة على مدينة عدن.
وتحولت قلعة صيرة إلى رمز الصمود أمام هجمات الغزاة والطامعين والسيطرة على الميناء، وكان آخرها معركة تصدي التي قام بها سكان مدينة عدن بالدفاع عن المدينة بأسلحتهم في وجه الاحتلال البريطاني في 19 يناير 1839م.
وبحسب المؤرخين، كان الغرض من إنشاء القلعة عسكرياً بحتاً، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يتحكم في ميناء عدن القديم، وذلك من أجل الدفاع عن المدينة، ويدل على ذلك عدد مواقع المدافعين عنها وانتشارها في الحجرات المتعددة، ووجود المزاغل المنتشرة فيها التي تطل غالبيتها على البحر.
سبب تسمية صيرة:
اختلف كثير من الباحثين المحليين في سبب تسميتها. وهناك ثلاثة احتمالات حسب ما ذكرها صاحب تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية أولها: أن المستعمرين البرتغاليين اطلقوا اسم(سيرة) وهو يعني لهم الجبل على هذه البقع.
ثانيها: أن الهنود بحكم العلاقات التجارية وما قامت به عدن من دور بوصفها ميناء مهما، كانوا يسمون (سيرة سيت)، ولعلها إشارة إلى أسطورة رأس الجني (راون) الذي يسكن السلسلة الجبلية الممتدة من جبل التعكر (جبل حديد حالياً).
ثالثها: أن صيرة بالعربية تعني السمك الصغير أو الساردين أو الشقوق والكهوف.
الشكل الخارجي للقعلة:
تتكون القلعة من برجين أسطوانيين متساويين في الارتفاع يحصران بينهما المدخل الرئيسي الواقع في الجهة الغربية، في البرجين فتحتان كبيرة وفتحات صغيرة، وهي مزاغل تضيق في المقدمة وتتسع للداخل لتسمح بحرية الحركة للمرابط عليها والتصويب بدقة.
مدخل القلعة:
يوجد للقعلة مدخلان: رئيسي، وهو محصور بين البرجين ويقع في الجهة الغربية، والباب الآخر يوجد في البرج الشمالي، ويصعد إلى المدخل الرئيسي بواسطة درجات دائرية الشكل تؤدي إلى فتحة باب مستطيلة بطول 47.2 سم، وعرض 96.1 سم، وكان يغلق عليها باب خشبي سميك لايوجد الآن ولكن آثاره باقية، ثم يليه باب خشبي آخر بطول 72.2سم وعرض 96.1 سم يفتح على الصالة المركزية.
برجان القلعة:
للقعلة برجان أحدهما يقع على جهة الجنوب والآخر إلى الشمال فيهما عدة فتحات، ثلاث منها في الوسط واربع في العلا، وكذلك الحال بالنسبة للبرج الآخر، ويختلف هذا البرج الواقع في جهة الجنوب بوجود باب من الناحية الشمالية، ويلتف البرجان حول القلعة بشكل دائري ويلتقيان في الخلف.
شكل القلعة الداخلي:
المدخل الرئيسي للقلعة ينفتح على صالة مركزية عليها ممرات تؤدي إلى حجرات مختلفة المساحات، أما سقفها فسطح، وبه فتحات للتهوية والضوء، ويلاحظ تنوع البناء والطراز المستخدم في أساليب الممرات.
الجانب الأيمن للبرج الجنوبي من القلعة يوجد به أربع غرف، ويمكن الوصول إلى هذه الحجرات عبر ممرين، فالممر الأول يصل بالحجرة رقم (1-2) والممر الآخر يؤدي إلى الحجرتين (3-4).
الجانب الشمالي من القلعة
في هذا البرج نفس عدد الحجرات في البرج الجنوبي، ويتميز بوجود حجرات مغلقة من التهوية والضوء، ويحتمل أنها كانت تستخدم مستودعا أو مخزنا للمؤن الغذائية والأسلحة، وفي إحدى حجرات هذا البرج فتحة دائرية، وهي صهريج لخزن الماء لخدمة الحامية العسكرية في القلعة.
الطابق العلوي (سقف القلعة)
يمكن الوصول إلى الطابق العلوي للقلعة عبر درج حجرية، وعلى سطح القلعة أربع قواعد حديدية في الجهات الأربع مستندة على قواعد مستديرة الشكل مبنية من الحجارة، ومكونة من ثلاث طبقات وطبقتين وقد سدت بعض المزاغل في الطابق العلوي بما يدل أنها مستحدثة، ويبلغ عددها ثمانية وعشرين فتحة، كما يوجد الحمام في الطابق العلوي.
الأهمية الثقافية والتاريخية:
التراث الشعبي والأساطير:
ترتبط قلعة صيرة بالعديد من الأساطير والحكايات الشعبية المحلية وبعض السكان المحليين يعتقدون أن القلعة كانت مسكونة بالجن، بينما يروي آخرون قصصًا عن معارك بطولية خاضها سكان عدن ضد الغزاة عبر التاريخ من فوق أسوار القلعة.
الترميم والصيانة:
بعد الاستقلال عن بريطانيا في عام 1967، خضعت القلعة لعدة عمليات ترميم من قبل الحكومة، وذلك للحفاظ على هذا المعلم التاريخي. آخر أعمال الترميم الكبيرة جرت في العقد الأخير من القرن العشرين، عندما تم إعادة فتح القلعة أمام الزوار والسياح.
في الوقت الحالي، القلعة تعد من أهم المعالم السياحية في عدن، وتجذب العديد من الزوار المحليين والدوليين الذين يأتون لاكتشاف تاريخها والاستمتاع بالمناظر الخلابة التي تطل عليها.
الوضع الحالي والتطوير السياحي:
الجذب السياحي:
قلعة صيرة اليوم تُعد وجهة مفضلة للسياح الراغبين في التعرف على تاريخ المدينة وزيارة موقعها الاستراتيجي، والقلعة توفر إطلالات ساحرة على خليج عدن والمدينة، وهو ما يجعلها نقطة جذب لالتقاط الصور والمشي في أروقتها التاريخية.
توصيات التطوير المستقبلي:
– تحسين البنية التحتية المحيطة بالقلعة وذلك ينبغي تطوير الطرق المؤدية إلى القلعة، مع تحسين وسائل النقل العامة والخاصة، وإنشاء مواقف سيارات قريبة وطرق ممهدة للمشاة مما سيساهم في جعل الوصول إلى القلعة أكثر سهولة للسياح.
– ترميم وتحديث القلعة بشكل دوري و يُنصح بتنفيذ برنامج ترميم دوري للحفاظ على القلعة وحمايتها من التآكل الطبيعي، مع إضافة تجهيزات حديثة مثل الإنارة الليلية وتوفير لوحات إرشادية رقمية توضح تاريخ القلعة.
– إضافة مركز معلومات سياحي ومتحف صغير: يمكن إنشاء مركز سياحي يتضمن متحفًا صغيرًا يعرض القطع الأثرية والمعلومات التاريخية عن القلعة وعدن كما يمكن إنشاء قسم رقمي تفاعلي يساعد الزوار على استكشاف تاريخ القلعة باستخدام تقنيات مثل الواقع المعزز.
– تنظيم فعاليات ثقافية وفنية ومن الممكن تنظيم فعاليات ثقافية، فنية، وموسيقية داخل القلعة أو في الساحات المحيطة بها، مما يزيد من جاذبيتها للسياح المحليين والدوليين، ويعزز من تجربة الزيارة.
– تحسين التجربة السياحية والتسويق الرقمي وتطوير تطبيقات مخصصة للسياح تشمل معلومات تاريخية، جولات افتراضية، وإمكانية حجز الجولات المحلية. كذلك، ينبغي تعزيز الحضور الرقمي للقلعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لها على نطاق أوسع.
– إنشاء مرافق خدمية وسياحية وتوفير مرافق خدمية مثل مقاهٍي، مطاعم، ومحلات لبيع الهدايا التذكارية بالقرب من القلعة سيكون خطوة مهمة في تحسين تجربة الزوار وجذبها لقضاء وقت أطول في الموقع.